لماذا أصبحنا جميعًا نقبل بأيّ خبر كحقيقة دونما تمحيص أو تساؤل؟

[:en]

عندما نسمع رأيًا يُردَّد أو أخبارًا تتناقَل عن أي أمر يزعمه شخص ما ، كثيرًا ما نميل الى تصديق ذلك الرأي أو تلك الأخبار دون أن نتحرّى عن مدى دقّتها. هذا هو النهج الذي يطبع مجتمعنا و يجعله مختلفًا عن المجتمعات الثقافية العلمانية ! كم هي نسبة الأشخاص التي تعمل على التثبّت من مقولةٍ ما بواسطة حقائق علمية و تاريخية موثّقة في يومنا هذا ؟ إن أكثرنا يتسارع الى كتابة و ترداد آخر رواية سمعناها دون التأكد من صحة أي شيء فيها. وإذا اعتبرنا أنّنا نؤسّس لمجتمع ثقافي عن طريق العلم فقط ، فكيف نبرر النسب المتدنية من المثقفين عند أعداد كبيرة من حَمَلة الشهادات الدراسيّة العليا في مجتمعنا؟

لنأخذ مثلاً النجمة السداسية المنسوبة خطأً لليهودية . فإذا بحثنا عنها علميًا نجد أنّها كانت موجودة عند الفينيقيين و الحضارات القديمة و أنّها رمز هرمسي هام يُستخدَم لفهم العلاقة بين العالمَين الداخلي و الخارجي . و بالتالي فإن وصفها بأنّها شعار يهودي هو خطأ علمي و تاريخي جسيم ، إلا أنّ هذه الحقيقة باتت بمثابة الأمر الغريب أو المفاجئ في مجتمعنا لأنّنا اعتدنا على ترداد ما يطفو على السطح بدلاً من البحث عن الجوهر في العمق.

علينا ان ندرك بأن الحرية هي أمّ الإبداع ! نحن نعرّف عن أنفسنا بأنّنا بنائين أحرار . و حريتنا هذه هي ، في رأيي المتواضع ، تتمثل بحرية الفكر . فبهذه الحريّة وحدها يصبح الفكر قابلًا للعلم و البحث وصولاً الى معرفة النفس بشكل عميق بدلاً من إعادة سرد أي نظريات يعتمدها البعض اليوم . الحرية أيضا تكمن في الاستماع الى رأي الآخر حتى لو هذا الرأي مخالفًا لفكرنا. و في ذلك قال الفيلسوف أرسطو “من علامات الذهن المتعلّم أن يكون قادرًا على التفاعل مع فكرة من دون أن يكون مؤمنًا بها” .

أن الارتباك الذي تشهده الساحة الثقافية هو نتيجة طبيعية لتراجع الحريات و غياب الديموقراطية. نحن غارقون في الماضي و رواسبه و نكاد ننسى التفكير في المستقبل و تحدياته . نحن أمة ماضوية تُعنى بترداد أشعار الحماسة و بالتغنّي المستمر بأمجاد الماضي و كأنما هو رصيد لا ينضب يمكن أن نعيش عليه دائماً بغض النظر عن التغيرات السريعة حولنا و التطورات المتلاحقة أمامنا!

لا شك أن هذا النمط ينعكس بالضرورة على المناخ الثقافي العام . فالقدرة على إحداث نقلات نوعية هي التي تؤدي إلى تجديد الفكر و إحياء الثقافة.

و لا بدّ من لفت النظر أن الخوف من الثقافة الأجنبية عمومًا و الفكر الغربي خصوصًا ، هو أمر أدى إلى عزلة العلوم العربية أحيانًا و انكفائها الى الداخل و انعدام قدرتها على التفاعل مع الثقافات الأخرى أخذًا و عطاءً. فعندما هاجر الغرب من مناطقنا ، هاجر معه الإهتمام بالتطورات الفكرية ذات الطابع العالمي و المضمون الإنساني. لقد أضحت الصفة العربية أحيانًا بمثابة القيد على الثقافة لمصلحة التعصّب أحياناً و التشنّج أحياناً أخرى بل و التطرّف في كثير من الأحوال

‎حان الوقت لننهض من سباتنا العميق ونوظف العقل و المراجع العلمية الموثقة لنكشف الحقيقة بأنفسنا – هذا العقل الذي أنعم الله تعالى به على الإنسان و ميّزه عن سائر الكائنات

‎إن الماسونية أو أخويّة البنائين الأحرار هي مدرسة أخوية عالمية يتشارك أفرادها عقائد وأفكار واحدة فيما يخص الأخلاق، الميتافيزيقيا وتفسير الكون والحياة والإيمان بخالق (إله). هي مؤسسة عريقة لا تشبه أي مجتمع ، فهي تجمع رجالًا من مختلف الأديان و الالوان موحدين بإيمانهم بمبدأ الأخوة الصادقة. 

‎لذا فإن الأخوية الماسونية غير مرتبطة بأي ديانة ولا بأي فريق من أي طرف كان و لا بمؤامرات خيالية عالمية . وكل شخص عربي يطمح الى تثقيف نفسه ما عليه الا استعمال المنطق و مطالعة الكتب الموضوعيّة التي تعرض الرأي و الرأي المعاكس للوصول الى قناعة مكتسبة و ليس قناعة مبنية على ترداد شعارات تاريخيةً ابتكرتها جهات معيّنة لتدعم بها سياسات مرّ عليها الدهر و ولّت فيما بقينا نحن نرددها دون قيد أو تفكي

[:]